لماذا خصَّ الله تعالى القلبَ بالإثم في قوله (فإنه آثِمٌ قلبه) ؟
.
بسم الله الرحمن الرحيم
فضيلة الشيخ عبد الرحمن السحيم - وفقكم الله وأعلى مقامكم -
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يقول تعالى {وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آَثِمٌ قَلْبُهُ }
فلماذا خصّ اللهُ تبارك وتعالى القلبَ بالإثم ، ولماذا ذِكَر القلبُ هُنا ؟
وفقكم الله ورزقكم مِن الطيبات ما تطيب به نفسك ورزقكم الله رِضاه ورضي عنكم وأتمّ عليكم نِعمه ظاهرةً وباطِنة .
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
آمين ، ولك بمثل ما دعوت .
لأن القلب هو مَحَلّ الكِتمان .
قال ابن عطية في تفسيره : وخَصّ الله تعالى ذِكْر القَلب إذ الكَتْم من أفعاله ، وإذ هو المضغة التي بِصلاحها يَصلح الجسد
كما قال عليه السلام .
وقال القرطبي في تفسيره : قوله تعالى : (وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ) خُصَّ القَلْب بِالذِّكْر إذ الكَتم من أفعاله ، وإذ هو المضغة
التي بِصلاحها يَصلح الجسد كله ، كما قال عليه السلام ، فَعَبَّر بالبعض عن الجملة . وقال الكِيَا : لَمَّا عَزَم على ألاَّ يُؤدّيها وتَرْك
أداءها باللسان رَجَع المأثم إلى الوجهين جميعا ... وهو من بديع البيان ولطيف الإعراب عن المعاني . يُقال : إثم القلب سَبب
مَسْخِه ، والله تعالى إذا مَسَخ قَلْبًا جَعَله مُنَافِقا وطَبع عَليه ، نعوذ بالله منه .
وقال أبو حيان في تفسيره : كَتْم الشهادة هو إخفاؤها بالامتناع من أدائها ، والكَتْم من معاصي القلب ، لأن الشهادة عِلْم قام بِالقَلب ،
فلذلك علق الإثم به. وهو من التعبير بالبعض عن الكل : " ألا إن في الجسد مضغة إذا صَلَحت صَلح الجسد كله ، وإذا فَسَدت فَسَد
الجسد كله ، ألا وهي القلب " . وإسناد الفعل إلى الجارحة التي يُعْمَل بها أبلغ وآكَد ، ألا ترى أنك تقول : أبصرته عيني ؟
وسمعته أذني ؟ ووعاه قلبي ؟ فأسْنَد الإثم إلى القلب إذ هو مُتَعَلَّق الإثم ، ومكان اقترافه ، وعنه يُتَرْجم اللسان . ولئلا يُظَنّ أن
الكتمان مِن الآثام المتعلقة باللسان فقط ، وأفعال القلوب أعظم مِن أفعال سائر الجوارح ، وهي لها كالأصول التي تتشعب منها .
والله تعالى أعلم .
/
\
</A>
.
بسم الله الرحمن الرحيم
فضيلة الشيخ عبد الرحمن السحيم - وفقكم الله وأعلى مقامكم -
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يقول تعالى {وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آَثِمٌ قَلْبُهُ }
فلماذا خصّ اللهُ تبارك وتعالى القلبَ بالإثم ، ولماذا ذِكَر القلبُ هُنا ؟
وفقكم الله ورزقكم مِن الطيبات ما تطيب به نفسك ورزقكم الله رِضاه ورضي عنكم وأتمّ عليكم نِعمه ظاهرةً وباطِنة .
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
آمين ، ولك بمثل ما دعوت .
لأن القلب هو مَحَلّ الكِتمان .
قال ابن عطية في تفسيره : وخَصّ الله تعالى ذِكْر القَلب إذ الكَتْم من أفعاله ، وإذ هو المضغة التي بِصلاحها يَصلح الجسد
كما قال عليه السلام .
وقال القرطبي في تفسيره : قوله تعالى : (وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ) خُصَّ القَلْب بِالذِّكْر إذ الكَتم من أفعاله ، وإذ هو المضغة
التي بِصلاحها يَصلح الجسد كله ، كما قال عليه السلام ، فَعَبَّر بالبعض عن الجملة . وقال الكِيَا : لَمَّا عَزَم على ألاَّ يُؤدّيها وتَرْك
أداءها باللسان رَجَع المأثم إلى الوجهين جميعا ... وهو من بديع البيان ولطيف الإعراب عن المعاني . يُقال : إثم القلب سَبب
مَسْخِه ، والله تعالى إذا مَسَخ قَلْبًا جَعَله مُنَافِقا وطَبع عَليه ، نعوذ بالله منه .
وقال أبو حيان في تفسيره : كَتْم الشهادة هو إخفاؤها بالامتناع من أدائها ، والكَتْم من معاصي القلب ، لأن الشهادة عِلْم قام بِالقَلب ،
فلذلك علق الإثم به. وهو من التعبير بالبعض عن الكل : " ألا إن في الجسد مضغة إذا صَلَحت صَلح الجسد كله ، وإذا فَسَدت فَسَد
الجسد كله ، ألا وهي القلب " . وإسناد الفعل إلى الجارحة التي يُعْمَل بها أبلغ وآكَد ، ألا ترى أنك تقول : أبصرته عيني ؟
وسمعته أذني ؟ ووعاه قلبي ؟ فأسْنَد الإثم إلى القلب إذ هو مُتَعَلَّق الإثم ، ومكان اقترافه ، وعنه يُتَرْجم اللسان . ولئلا يُظَنّ أن
الكتمان مِن الآثام المتعلقة باللسان فقط ، وأفعال القلوب أعظم مِن أفعال سائر الجوارح ، وهي لها كالأصول التي تتشعب منها .
والله تعالى أعلم .
/
\
</A>